روى أيمن الحسين تجربته قائلاً إن حياة اللاجئين في بريطانيا تحولت إلى معاناة يومية، حيث يواجهون اتهامات بالإجرام والتطفل ويُصوَّرون كغرباء غير مرحب بهم. أشار إلى أن المجتمع البريطاني يصفهم أحياناً بـ"المتسللين غير الشرعيين"، وهو التعبير الأكثر قسوة وتجريداً من الإنسانية. تساءل أيمن: "متى أصبح الهروب من الموت جريمة؟".
أوضح الجارديان أن الحسين نشأ في سوريا في طفولة وصفها بالآمنة، حتى اندلاع الانتفاضة عام 2011 حين اعتقل مرتين بسبب معارضته لنظام الأسد. لم يفكر حينها في مغادرة بلده، لكن صاروخاً أصاب ضاحية في حلب وأوشك أن يقتله وهو في السابعة عشرة، فقرر أن ينجو. انطلق إلى تركيا، ثم تنقّل عبر أوروبا حتى وصل إلى كاليه على أمل العبور إلى بريطانيا، حيث تقيم عمته التي رعتْه بعد وفاة والدته، ولأنه يجيد اللغة الإنجليزية.
سرد أيمن أنه قضى عشرة أشهر في كاليه يحاول الوصول إلى بريطانيا، قبل أن تصبح القوارب الصغيرة الوسيلة الأبرز. حاول الاختباء في شاحنات وقطارات وسفن، بينما كان يواجه عنف الشرطة الفرنسية أحياناً وتعاونها أحياناً أخرى. قال إن بعض أفراد الشرطة في فرنسا وبريطانيا نظروا إليه كإنسان، بينما اعتبره آخرون مجرماً.
نجح في الوصول إلى بريطانيا عام 2017 معتقداً أنه عثر على الأمان، لكنه فوجئ بمعاملة رسمية قاسية. أجبر على التوقيع في مراكز الشرطة بشكل منتظم، وانتظر أكثر من عامين حتى صدر القرار بشأن طلب لجوئه. رغم ذلك، شعر بترحيب أكبر من المجتمع البريطاني، حيث وجد مدناً متنوعة وأشخاصاً دعموه ومنحوه شعور الانتماء.
لكن الأوضاع تبدلت حين أطلقت الحكومة السابقة خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا، إذ عاش أيمن خوفاً حقيقياً من ملاحقته رغم حصوله على حق الإقامة. تضاعف القلق عندما أعلنت وزارة الداخلية سياسة جديدة في فبراير 2025 تنص على أن من يدخل "بطرق غير نظامية" يُرفض عادة منحه الجنسية. عبّر أيمن عن كابوسه المتكرر: الصراخ في الشارع دون أن يسمعه أحد، وقال إنه يعيش ذلك الخوف يومياً.
مع مرور السنوات، فهم أيمن السياسة البريطانية أكثر. لاحظ أن كثيراً من المواطنين يبحثون عن كبش فداء لأزمات الاقتصاد والخدمات، فيوجّهون أصابع الاتهام للمهاجرين واللاجئين. وأكد أنه يعمل كمصور سينمائي ويشارك في الأعمال الخيرية كمترجم فوري للأطفال الذين تدّعي الداخلية أنهم بالغون وتضعهم في فنادق للبالغين. وصف بكاء هؤلاء الأطفال وعزلتهم، مؤكداً أنهم يعانون بشدة.
تطرق أيمن إلى أن معظم اللاجئين يحلمون بالعودة إلى أوطانهم عندما تصبح آمنة. أما هو فيستحضر رائحة الياسمين والجرجير من حديقة طفولته في سوريا، ويحاول استعادتها بزرعها في بيته البريطاني. ومع ذلك، يشعر أنه سيظل موصوماً كمجرم، معرضاً للترحيل إلى بلد غير آمن.
وأشار إلى أن العنصرية العلنية ازدادت في بريطانيا، وتبدأ باللاجئين ثم تمتد إلى آخرين بسبب لون بشرتهم أو دينهم أو ميولهم. وحذّر من أن الوضع قد يتفاقم ما لم يتحرك المجتمع لمواجهة هذه الموجة.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/aug/21/refugee-syria-treated-like-criminal-britain